خطر دخول مصر فى منزلق اقتصادى مروّع يزداد بفعل العجز المؤسسى

أكد خبير الاقتصاد العالمي محمد العريان وهو المصري الذي يشغل منصب قيادي في الادارة الامريكية ومن ابرز علماء الاقتصاد في العالم في مقال له بجريدة الدستور الأصلي  أن خطر الدخول فى منزلق اقتصادى مروّع يزداد بفعل العجز المؤسسى للبلد، فكثير من المؤسسات، سواء فى القطاعين العام أو الخاص، معطل عبر مزيج من انخفاض المصداقية، وعمليات تعوزها الكفاءة، ومصالح متضاربة ودوافع فى غير محلها مشيراً إن هذا المزيج المعوق، هو أمر لا بد من فهمه، والسيطرة عليه وتجاوزه والمهم أن هذا ليس أمرا مطلوبا فقط، بل إنه فى المتناول وما زالت مصر تملك القدرة على تغيير المسار واستئناف مسار الثورة الواعد نحو تمكين الشعب.

موضحاً أنه خارج مصر، يتم توصيف الحدث التاريخى بشكل متزايد على أنه كارثى وليس حدثا يمكّن الشعب القروض والمنح يتم تجميدها، والاستثمارات الأجنبية تراجعت والسياح مترددون فى زيارة آثار مصر ومعالمها الفريدة. وكل هذا يعمل على حجب الأكسجين عن اقتصاد يعانى بالأساس.

وقال في مقاله أنه من الثابت الآن أن مصر تعانى حقيقة فى نقطة تحوُّل ثورى دقيقة، وهى تحديدا عملية الانتقال من تفكيك الماضى المرعب إلى بناء مستقبل أفضل. الوحدة تم استبدال الانقسامات بها، وأفسحت روح التضامن مكانها للشك، وحل الصراع والانقسامات محل قوة الدفع الاستراتيجية. واستحالت وحدة الهدف أغراضا متغيِّرة باستمرار. ليس ثمة رابحون هنا، بل فقط خاسرون، ومآسٍ وفقر متفشٍّ وتعاسة إنسانية هائلة. وإذا استمرت مصر فى مسارها الحالى، فإن اقتصادها سوف ينفجر وستتضاعف معاناتها المالية.

لم يعد هناك وقت لإضاعته. إن المصريين بحاجة إلى أن يجتمعوا ويغيِّروا معًا المسار الحالى. ولو أنهم فشلوا فى القيام بهذا سريعا، فإن الاقتصاد سيعانى من الكساد، وستزداد البطالة حتى بصورة أكبر، وسيتقلص الاحتياطى من النقد الأجنبى، وستجد الدولة  صعوبة أكبر فى توفير الخدمات الأساسية، بما فى ذلك توفير قدر أفضل من التعليم والصحة
.
وكخطوة أولى ومُلِحّة، فإن كل الحركات السياسية المصرية الكبرى بحاجة إلى أن تجتمع فى حوار وطنى يضع على قمة أولوياته رفاهية البلد ومواطنيه. وفى هذا الإطار فإن الحركات السياسية بحاجة إلى الالتزام بأن تسمو فوق المصالح السياسية الضيقة والولاءات الموروثة. ويجب على أنصار تلك الحركات أولا وقبل كل شىء، أن يحمّلوهم المسؤولية ويحاسبوهم على ذلك.

ويكون هدف هذا الحوار اتفاقا واسعا على رؤية لمصر فى 2016؛ رؤية ليست فقط مستندة ومستمََدَّة من الأهداف النبيلة والمكتسَبة للثورة، بما فيها العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان واقتصاد مزدهر، بل تكون هذه الأهداف مهيمنة عليها.
ويصبح هذا الهدف الواسع مفصَّلا فى برامج يتم نشرها على نطاق واسع، بخطوات إرشادية واضحة، بحيث يمكن لكل المصريين أن يقيسوا التقدم المحرَز، والالتزام والتكريس.
وبهذا، سيجد التكنوقراط من السهولة بمكان أن يصمموا مجموعة من الإصلاحات الداعمة. وواقع الأمر أن الصعوبات الفنية يمكن التغلب عليها شريطة أن تكون العملية السياسية أكثر وحدة ومساندة.

وكان العريان قد بدأ مقاله بـ"أشعر بالألم والمعاناة، شأن الملايين الآخرين من جراء ما يجرى لمصر والمصريين من خسائر بشرية وعنف ودمار مادى. ليست هذه مصر التى ناضلت ثورة 25 يناير بشجاعة من أجلها، ولا يجب أن تكون كذلك أبدا.
وبقدر ما يطول هذا الجنون ويتمادى، بقدر ما سيكون حجم الدمار لمستقبل البلد فادحا، بالنسبة إلى رفاهية الأجيال الحالية والقادمة، واستقرار العالم العربى. إن الشعب يفقد إيمانه بثورته ففى داخل البلد، هناك أقلية متزايدة الآن تودّ لو أن بمقدورها أن تستبدل فوضى اليوم بقمع الأمس. ولأنهم لا يستطيعون، فهم يبحثون فى كل السبل الممكنة للرحيل عن مصر وبداية حياة جديدة فى مكان آخر.
ويذكر أن العريان فد عين في ديسمبر الماضي من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، رئيسا لمجلس الرئيس للتنمية العالمية
المصدر:مباشر 30/1/2013

No comments:

Post a Comment